بيان تكتّل السوريين حول زيارة بوتين لأوروبا

0

بيان تكتّل السوريين حول زيارة بوتين لأوروبا

أشرفت الحرب في سوريا على الانتهاء، وتنخفض حدة القتل والتدمير، وها هو النظام يسعى للعودة إلى وضعه الطبيعي قبل الثورة التي تمّ تحويلها إلى نزاع مسلّح غير دولي. لكن ذلك بالنسبة للناس في سورية يعني عودة الخوف، فنظام الأسد وبفضل الإفلات من العقاب، رغم كل جرائم الحرب الفظيعة التي ارتكبها، يشعر نفسه اليوم منيعاً ومحصّناً بحيث أنه لن يستطيع أي مدني أن يشعر بالأمان في مناطق سيطرته. الخوف والظلام يعودان من جديد، وسيخيمان على حياة الناس في سوريا وبشكل أكثر من ذي قبل، وقد يؤدي أي اعتراض أو تمرد أو حتى الشك بعدم الولاء إلى الاعتقال والتعذيب والقتل في ظل انعدام كامل للحقوق في سوريا.
في الأسابيع الأخيرة، أعلن نظام الأسد عن أسماء آلاف الأشخاص الذين قضوا في سجونه، معززا بذلك مخاوفنا وخصوصاً أن عشرات الآلاف من المفقودين لم يموتوا في الحرب أو جرّاء القتال أو تحت القصف، بل قُتلوا بشكل ممنهج في سجون ومعتقلات النظام تحت التعذيب وبالأخص أولئك الشباب والشابات المدنيين السلميّين الذين حلموا قبل عدة سنوات بمستقبل أفضل وحرية أكثر في سوريا.
كل هذا الرعب والإرهاب والقتل والتدمير، كان ومازال معروفا لدى المجتمع الدولي، ولكن اليوم ومع ذاك المصير للكثير من الآلاف يتجلى أمام أعيننا حجم هذه الجريمة. أما ردّة فعل العالم المتحضر فغابت تماما عن الحدث، وحتى من السياسة الألمانية لم نَرَ إلى الآن أي احتجاج ضد القتل المنظم والممنهج لعشرات الآلاف من المعتقلين اللذين لافو مصيرا مشابها لمعتقلي اوشفيتز المشؤوم
حتى أنه لم يكن ممكناً أبدا فرض إرسال مراقبين من الصليب الأحمر الدولي، إلى معتقلات التعذيب تلك. هذا الموقف السلبي المتقاعس والعاجز عن فعل أي شيء من قبل المجتمع الغربي اتجاه تلك الفظاعات خطيرٌ جدّاً ويؤدي إلى تفاعلات خطيرة. الكثير من السوريين الذين عوّلوا وعقدوا آمالهم على القيم الغربية، خاب الآن أملهم وظنّهم وخابت توقعاتهم، والاعتقاد بأن الغرب يمثل تلك القيم قد انتهى.
عندما يرى السوريّون أنّ مجرم حرب كعلي مملوك يُدعى إلى زيارة أوروبا، أو كيف يُسمح لوالد زوجة الأسد من بريطانيا أن يسوّق للنظام! أو كيف تتعاون فرنسا تجاريا مع روسيا من أجل تثبيت النظام الغير شرعي في سوريا وشرعنته! أو كيف تطالب السلطات الألمانية اللاجئين، بشكل مخالف للقانون، بتمديد جوازات سفرهم من السفارة السورية ودفع الملايين مقابل ذلك! وكيف يتم استغلال وإساءة استخدام المساعدات الأوروبية من قبل نظام الأسد! وكيف يكون هَمُّ الشركات الأوروبية فقط في تأمين حصتها من عملية إعادة الإعمار! فإنّهم -السوريون- سيشعرون بالإخفاق والمرارة بلا ريب.

نحن لا نطالب السياسة الخارجية الأوروبية بالتدخل العسكري أو بمزيد من الأسلحة والقنابل، بل نطالب عوضاً عن ذلك بإجراءات عاجلة سياسية واقتصادية ودبلوماسية تضع نهاية لحالة الإفلات من العقاب ولتلك الفظائع التي يرتكبها النظام.
إن من يرغب في إعادة تأهيل نظام لم يعذب فقط العشرات إن لم نقل المئات والآلاف في معتقلاته، بل قتلهم تحت التعذيب، وقتل مئات الآلاف تجويعاً وقصفاً وخنقاً بالغازات السامة، إنّما يُضحي بقيمه العليا مقابل مصالح اقتصادية و سياسية، وهذا سيكون نهاية لمصداقية أوروبا في اعتبارها المدافع عن حقوق الانسان.
بناء على ما سبق نطالب بالتالي:
1- عدم تقديم المساعدات الاقتصادية ومشاريع إعادة الإعمار طالما لم يكفل نظام الأسد حقوق وكرامة الانسان الأساسية، ولم يسمح لمراقبين حياديين الوصول إلى كافة المعتقلات، وأن يتم الضمان أن تلك المساعدات الدولية لن تتسرب إلى الشبكة المحيطة بالأسد.
2- ربط إعادة الإعمار بانتقال سياسي إلى نظامٍ خال من الاستبداد بكل أشكاله.
3- منع وإعاقة إقامة أية علاقات اقتصادية مع نظام الأسد حتى بالنسبة للقطاع الخاص أيضا، طالما لم يتم الكشف عن الجرائم المرتكبة ومحاسبة مرتكبيها وما لم يتمّ التأكّد بطرق فعّالة وحقيقيّة من احترام حقوق الانسان.
4- دعمُ والتنسيق مع الحركات المستقلة والديمقراطية السورية في أوروبا، حيث أن أي تعزيز لدور تلك القوى الديمقراطية سيؤدي إلى خفض تبعية المعارضة للقوى الدولية التي لها مصالح خاصة بها في سوريا تتعارض مع مصالح الشعب السوري.
5- إنهاء عملية إجبار السلطات الألمانية للاجئين السوريين على تمديد جوازات سفرهم من سفارة النظام الذي هربوا من جرائمه.
6- دعم الدول المجاورة لسوريا من أجل صون حق اللاجئين في الحصول على ملاذ آمن ودعم بناء نظام تعليمي وصحي للاجئين في تلك الدول.
7- متابعة دعم تحقيقات المدعين العاميّن في أوروبا وخاصّة المدعي العام الاتحادي في ألمانيا بشأن تحقيقاتهم في الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب المرتكبة من جميع الأطراف في سوريا تبعا للمواثيق الحقوقية الدولية.

برلين في 18-8-2018

اترك رد